المدوّنة


ابتكار من أجل سورية IBTIKAR4Syria

 أرحب بكم في مدونتي هذه “ابتكار من أجل سورية” لأنقل لكم خواطري وتفكيري الرغبوي في المستقبل وأنا أقف مغترباً في بلاد لم أنشأ فيها وعيناي ترنو إلى وطن جريح وماضٍ يُخشى ألّا يعود أبدا

مدونتي هذه سوف تسعى إلى تلمس وتكريس وتوثيق ونشر كل ما من شأنه المساعدة في تمكين وتسخير الابتكار الاجتماعي والتقاني والمعرفة والتكنولوجيا من أجل تضميد الجرح السوري وبناء السلم الأهلي وصولاً إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والحوكمة الرشيدة في سورية المستقبل، بعيداً عن أي استقطاب سياسي أو عنصري أو مذهبي

منذ أيام استيقظت من أمتع حلم رأيته في حياتي: لقد وضعت الحرب أوزارها، انتصر الشعب السوري بأطرافه كافة بعد أن حكّم الجميع عقله، انهزمت قوى الشرّ والإرهاب واقتُلعَت من جذورها!! نشوة ما بعدها نشوة ما لبثت في نهاية الحلم أن تحولت إلى كابوس ثقيل عندما بدأتٌ مع من حولي (ولم أزل في الحلم) بالتفكّر بذلك الركام المادي والمعنوي، والتساؤل عن كيف ستبدأ مسيرة إزالته وإزالة آثار الدمار وما خلفته الحرب من أحقاد وكراهية وسموم عنصرية ومذهبية وطائفية؟ ومن الذي سيحمل عبء هذا العمل ويواجه تحدياته ثم يشرع بإعادة البناء؟

 وما أن استيقظت من نومي وانتهى الحلم، وجاءت “الفَكرة” بعد هذه “السَّكرة” الحالمة وما تبعها من كابوس، حتى بدأت أمعن التفكير بكل جدِّية وأبحث في فضاء اليقظة المتاح لي عن أجوبة لهذه التساؤلات المشروعة فاتخذت قراري بـ “تمديد” الحلم والمضي في “أحلام يقظة” سخّرتها لصالح التفكّر في محتوى هذا الركام وأولوياته والسياسات الكفيلة بإزالته، دون أن أسعى إلى أي تفسير لحلمي الأصلي بعد أن يئسنا بل و”هََرِمنا” من مفاعيل تفسير حقيقة ما حدث ويحدث في اليقظة فكيف لنا أن نتمكن من تفسير ما نراه في الحلم؟؟

وسرعان ما تمخضت أحلام اليقظة هذه عن لوحتي المبتكرة (أو الأنفوغراف) أعلاه تعبيراً عما رُسم في خاطري بهذا الخصوص من مشهد لفترة ما بعد انتهاء النزاع. هذه اللوحة تستند إلى ركائز ثلاث: الركيزة الأولى، مصافحة تعبر تلقائياً عن عقد اجتماعي تصالحي بينيٍّ  يوحي بانتهاء النزاع ويثبّت ما نحتاج إليه خلال فترة إعادة البناء المنتظرة من تحكيم للعقل، وَوَأد للاستقطاب السياسي ولجوء إلى الحكمة لبناء السلام المنشود من خلال تمكين المصالحة وإزالة الأسباب والدوافع ووقف التحديات والمكابرة والإنكار والإقصاء للآخر مهما كان حجمه ودوره، وذلك في إطار مسؤولية وطنية كبرى على الجميع تحمّل مفاعيلها ونتائجها

الركيزة الثانية تتمثل بحتمية الابتكار والتفكير “خارج الصندوق”، فصعوبة المرحلة وجسامة التحديات تفرض الابتكار بالحلول وانتهاج النهج التشاركي في العمل إذ لا إنقاذ لسورية ولا طوق نجاة لها إلا بالفعل الاجتماعي التشاركي القائم على العقول الحكيمة الخلاقة المبتكِرة التي تعمل من أجل تنفيذ أجندة إصلاح وإعادة بناء طويلة وشاقة. ولهذا فإن الابتكار، اجتماعياً كان أم تقانياً، والريادة الاجتماعية/العملانية الداعمة له، يجب أن يأتيا كغطاء شامل ومحرّك لمعالجة القضايا الرئيسة التي باتت ساكنةً في عقولنا جميعاً، تلك القضايا المنقوشة (مثالاً لا حصراً) على اليدين   المتصافحتين.  ولقد عاهدت نفسي أن أكرس وقتي وعلمي وخبرتي المتواضعة لأتعامل تباعاً وما استطعت مع هذه القضايا وتشعباتها، وغيرها من خلال مدونتي هذه

أما الركيزة الثالثة فتتمحور حول مكافحة الفساد، كشرط لازم (وغير كاف) للابتكار والتمكين لإعادة البناء وتحقيق الاصلاح الإداري. ذلك لأن ما شهدناه ونشهده من صراعات قذرة وفّرت وللأسف أرضاً خصبة لتجار الأزمة وأمراء الحروب للتربّح والفساد والإفساد ونقل الثروة. سرطان الفساد الذي طالما عانت  منه  مفاصلنا الإدارية  وقطاعاتنا كافة سيستشري أكثر وأكثر وسيجلب لنا الإرهاب ثانية إن لم نقتلعه معاً ومن جذوره

أقول: تهادنوا، تصافحوا، تسامحوا، وابتكروا فطريق البناء طويلة وشاقة

أتطلع إلى آرائكم وتعليقاتكم، ومتابعتكم المستمرة